وليد شقير
يدور اللغط لدى المحللين حول الانعكاسات السلبية لاستبعاد كل من روسيا وإيران عن التحالف الدولي لضرب «داعش» في العراق وسورية، لا سيما الأخيرة.
فالتقديرات في شأن ما يسمى «ثغرة» استبعادهما في هذه الحرب، تبدأ من توقع أن تلجأ موسكو وطهران إلى سياسة متشددة في الإقليم إزاء ما يعنيه هذا الاستبعاد من تجاهل لأوراقهما الكثيرة في المنطقة، ولاستضعاف كل منهما، الأولى نتيجة وقوعها في فخ التدخل في أوكرانيا وما استجلبه من عقوبات غربية عليها، والثانية نظراً إلى فشلها في إدارة الوضع في العراق، الذي قاد إلى احتلال «داعش» مناطق قطعت طريق التواصل بين مكونين أساسيين مما يسمى هلال النفوذ الإيراني، أي بين العراق وسورية، وهو ما أوجب عليها تقديم تنازلات لمصلحة مقدار من الشراكة في الحكم ببلاد الرافدين.
لكن التعمق بطريقة تشكيل التحالف الدولي وتوزيع الأدوار بين دوله في الحرب على «داعش» يستدعي الملاحظة أن هذا الاستبعاد يتناول خطة ضرب «داعش» في سورية ولا يشمل العراق، حيث هناك تقاطع دولي على تنفيذ المهمة مهما اختلفت الأساليب أو ارتفع صوتا كل من موسكو وطهران ضد خطة ضرب «داعش» من دون صدور قرار عن مجلس الأمن أو من دون التنسيق المباشر مع كل منهما. فروسيا ليس لديها ما تخسره إذا نُفذت خطة طرد «داعش» من المناطق التي احتلتها شمال العراق، بل إن موسكو نصف شريك في ذلك، طالما أن واشنطن تقوم بهذا العمل بناء على طلب الحكومة العراقية، وتستند إلى القرار الدولي 2170. وإيران تتشارك مع أميركا ودول الغرب في تسليح «البيشمركة»، وفي إعادة تأهيـــل الجــــيش العراقي لتنـــفيذ المهمة، ولو أنها تطمح إلى استيعاب الخسارة التي تعرضـــت لها بفعل اضــطرارها للتخلي عن نوري المالكي لمصلحة بداية شراكة جديدة في حكم بغداد فتحت الباب على عودة الشراكة العربية في العراق بدل التفرد الإيراني.
يمكن القول إن هناك نصف استبعاد لموسكو وطهران في الحرب على «داعش»، فاعتراضهما يتناول خطة ضرب «داعش» في سورية، لاستبعادها التعاون مع النظام السوري أسوة بالتعاون مع «نظام» بغداد. وإذا كانتا تملكان أوراقاً في وجه هذا الاستبعاد، فهي تبدأ بمواصلة دعمهما بشار الأسد وقواته، لكنهما لن تتخطيا الذروة التي بلغها هذا الدعم حتى الآن والذي لم يفلح سوى بالحؤول دون سقوطه، ولم ينجح في انتزاع الاعتراف به. أما الأوراق الأخرى، فهي الرد بالتصعيد الحاصل في اليمن والذي تجد دول الخليج ومعها المجتمع الدولي وسائل لمواجهته. ثم تملك طهران ورقة التشدد في مواجهة الاستبعاد في لبنان، استتباعاً لتشددها في سورية، فتزيد من تهديد وضعه الأمني بدفع «داعش» إلى أراضيه وتطيل أمد الشغور الرئاسي فيه... إلخ.
هل يغيّر كل هذه الأوراق من واقع المواجهة الحاصلة على أرض سورية منذ أكثر من 3 سنوات و7 أشهر؟
وإذا كان المنطق يفترض التسليم بأن قضاء التحالف الدولي على «داعش» في سورية يكون ناجحاً أكثر وسريعاً أكثر في حال التعاون مع روسيا وإيران، فهل من المنطق أن يسلّم معظم دول العالم بأن يتم تجيير ضرب «داعش» لمصلحة النظام السوري وبقائه، وإلا وجب ترك «الدولة الإسلامية» في سورية على حالها والاكتفاء بضربها في العراق؟
واستطراداً، هل إن من أوراق موسكو وطهران، رداً على استبعادهما في هذه العملية، استخدام «داعش» أو ما يشبهه في وجه دول التحالف، لإفشاله؟
سبق للنظام السوري أن استخدم «داعش»، ونجح جزئياً في ذلك، مدعوماً من موسكو وطهران، إلى أن وصلت الأمور الى ما وصلت إليه في العراق في حزيران (يونيو) الماضي، من تهديد لإيران نفسها، وبات على الأخيرة أن تقتنع بأن مقولة «إيران تتخذ القرارات في المنطقة»، كما جاء على لسان قائد «الباسيج»، علي رضا نقدي، هي وهم.