مصر والحاجة إلى برنامج وطنى لتربية الناس على الديمقراطية
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

مصر والحاجة إلى برنامج وطنى لتربية الناس على الديمقراطية

مصر والحاجة إلى برنامج وطنى لتربية الناس على الديمقراطية

 الجزائر اليوم -

مصر والحاجة إلى برنامج وطنى لتربية الناس على الديمقراطية

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

كتبت من قبل فى عهد الرئيس مبارك، ثم فى عهد الدكتور مرسى، وهآنذا أكتب فى عهد الرئيس السيسى فى المعنى نفسه، وهو أن الديمقراطية واحدة من أعظم الاختراعات الكبرى وأصعبها. ولو اشتهر «أرسطو» فى تاريخ الفكر السياسى بشىء فهى مقولته الشهيرة: إن علم السياسة هو علم السيادة، وهو علم السعادة. ويقصد بذلك أن علم الحكم وإدارة شئون الدولة هو العلم السيد على جميع العلوم الأخرى، وهو المفضى إلى سعادة البشر الجماعية إن كانت شئون الحكم فى أيدٍ رشيدة. فلو تخيلنا مجتمعاً فيه مئات العباقرة والمبدعين، لكن يحكمه «هتلر» أو «موسولينى»، إذن ما الفائدة؟ إن علم السياسة هو علم التوفيق (وليس المفاضلة أو الاختيار بالضرورة) بين الضرورات المتعارضة، فالاستقرار ضرورة، لكن الديمقراطية ضرورة أيضاً، والمهارة كل المهارة أن توفق بينهما دون التضحية بأى منهما.

لو تتبّعنا تاريخ الإنجازات والاختراعات الإنسانية، سواء بالملاحظة المباشرة أو باستقراء ما تكتبه دوائر المعارف، سنجد أن البشرية عرفت ما لا يقل عن 16 مليون اختراع واكتشاف بشرى على مدى خمسة آلاف سنة هى عمر الحضارة منذ عرف الإنسان الكتابة، وفقاً لموسوعة المعارف البريطانية. لكننا لو ربطنا بين الاختراعات وقيمتها المضافة، أى قدرتها على أن تؤثر فى عدد كبير من البشر، فإننا يمكن أن نحصر أعظمها وأبلغها تأثيراً فى سبعة اختراعات كبرى.

فهناك أولاً الكهرباء بما سمحت به من إنجازين مهمين وهما: المزيد من سيطرة الإنسان على الطبيعة، وثانياً مضاعفة مساحة الزمن المتاحة إلى البشر، فلولا الكهرباء لنامت المدن كما القرى فى الماضى بعد حلول الظلام مباشرة.

وثانى هذه الاختراعات العظمى هو دورات المياه فى البيوت التى جعلت الانتقال من البداوة والريف إلى المدينة ممكناً.

وثالث الاختراعات الكبرى هو الطباعة التى نجحت فى أن تضاعف سرعة انتقال المعرفة؛ فلولا الطباعة لما كنا اكتشفنا أو عرفنا الاختراعات الأخرى أو ربما كنا عرفناها فى أزمنة لاحقة.

ورابع الاختراعات الكبرى هو الرياضيات بفروعها المختلفة. فالرياضيات هى أساس العلم الحديث، بل هى الفارقة فى نقل المعارف من سيطرة الفلسفة والجدل النظرى والمعيارى، أى الذى يؤكد ما ينبغى أن يكون والمماحكات اللفظية التى تنطوى على رؤى ذاتية، وبين العلوم سواء الطبيعية أو الاجتماعية.

وخامس هذه الاختراعات الكبرى هو النقود التى سهّلت التفاعلات الإنسانية على نحو ما نستشعر جميعاً. فلولا النقود، كوسيط للتبادل وكمخزن للقيمة، لما أمكننا الحديث عن تجارة وتبادل خدمات ومنافع بين البشر.

وسادس الاختراعات الكبرى هو الجامعات، وما يرتبط بها من مراكز للبحث العلمى. فلولا الجامعات ومراكز البحث العلمى لما أمكن أن تتضاعَف المعرفة الإنسانية مرة كل ثلاثين سنة، على نحو ما نعيشه الآن. وهو ما يبدو منطقياً مع حقيقة أن 90 بالمائة من العلماء الذين عرفتهم الإنسانية لا يزالون أحياء، فكل الأسماء العظيمة من منتجى المعرفة فى العالم أجمع منذ «سقراط» و«أفلاطون»، وحتى مصطفى مشرفة وجمال حمدان، وكل من تركوا هذه الدنيا من علماء لا يُشكلون أكثر من 10 بالمائة، لأن العلم والبحث والاختراع والابتكار كلها أصبحت مهنة مستقلة بذاتها، لا يمارسها العالم أو المخترع فى وقت فراغه.

وسابع هذه الاختراعات الكبرى وأقدمها وأصعبها هو الديمقراطية، فلولاها لما استفدنا من كل ما سبق، وغيره من اختراعات، ولظلت جميعها فى يد الحاكم الديكتاتور. نعم كان من الوارد جداً أن توجد عشرات الصحف دون ديمقراطية، لكن كلها تُسبّح بحمد الحاكم وتشكر فضله على ما أتاحه للبشر من نعمة الحياة. نعم كانت ستوجد جامعات ونقود واختراعات كهربائية، دون الديمقراطية، لكن كان سيغيب أمن الناس على أموالهم وأنفسهم وأعراضهم وحقهم فى الاختيار. فالديمقراطية بحق اختراع عبقرى يقوم على قهر القهر، أى وضع قيود قهرية على الحاكم المستبد. إنها فى أبسط تعريفاتها: ضمان تعدّد مراكز صنع القرار فى المجتمع، فلا يوجد من يأمر وعلى الباقى السمع والطاعة. كما أنها تضمن أن الحكومة فى حالة عمل دائم من أجل رفع المعاناة عن المواطنين. ومن مقولات أمارتيا سن، الاقتصادى الشهير، الخالدة: «إن المجاعات، رغماً عن أنها فى الأصل ظواهر طبيعية، تظهر فى باكستان غير الديمقراطية ولا تظهر فى الهند الديمقراطية»، لأن الحكومة التى تعلم أنها ستتحول إلى «محكوم» عليها فى يوم الانتخابات إما بالاستمرار إذا فازت فى الانتخابات وإما بالتحول إلى المعارضة إذا خسرت، لا يمكن أن تتهاون فى التزامها تجاه فئة مهمة من فئات شعبها. ضع كل الاختراعات والابتكارات السابقة فى خلاط الحضارة، إن جاز التعبير، لتكتشف لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا؟

لقد شهدت مجتمعاتنا ملامح التقدم المظهرى والتخلف الهيكلى كما يقول سمير أمين. فلدينا إنفاق شديد على الدروس الخصوصية، وهذا ليس إنفاقاً على العلم، ومن أجل العلم، وإنما على الشهادات، ومن أجل الشهادات، كما يقول أحمد زويل، ولدينا اهتمام بتسجيل المواقف أكثر من اهتمامنا بإيجاد حلول عملية للمشكلات، كما يقول فؤاد زكريا، ولدينا تحديث مادى دون ديمقراطية، وعلمنة بلا احترام أصيل لقيمة العلم، وتعليم بلا تفكير نقدى أو بناء مهارات، وانتقال إلى المدينة بلا تمدُّن حقيقى، وتحول للرأسمالية بلا احترام لأخلاقياتها كما يقول على مزروعى. إن المجتمع الحديث هو مجتمع يعرف قيمة هذه الاختراعات الكبرى جميعها مجتمعة متفاعلة، ويكون طلبه عليها غير مرن، كما يقول الاقتصاديون، مثل طلب مدمن السجائر على السجائر، فمهما ارتفعت تكلفة الحصول على التعليم أو على الحقوق السياسية، فإن العارف بقيمتها مستعد للإنفاق ببذخ من وقته لو دخل السجن، ومن عمره لو مات مناضلاً؛ فهى بالنسبة له أقرب إلى الماء والهواء من حيث الأهمية. ألم يفعلها نيلسون مانديلا؟ أما مجتمعات ما قبل الحداثة، أى المجتمعات المتخلفة بقول أدق، فإنها قد تمتلك أفضل المطابع، لكنها لا تمتلك حرية الفكر، وقد يطرح عليها حزبها الحاكم أفكاراً تحت شعار الإصلاح السياسى، لكنها فى النهاية أقرب إلى التغيير التكيفى منها إلى التطوير البنيوى، وقد يكون فيها حرية رأى متاحة، لكنها تبقى بلا فاعلية، ويبقى المواطن مفعولاً به ومفعولاً لأجله لم يصبه من الحداثة واختراعاتها إلا المظاهر الخادعة، سواء فى شكل تليفون محمول أو دش على أسطح المنازل. لكن دهاء التاريخ والنتائج غير المقصودة لمظاهر الحداثة هذه يمكن أن تنتج على المدى الطويل إدراكاً لأهمية ومحورية «خلطة» الاختراعات التى أنتجتها وحاجتنا لأن نمتلك مثلها. لن يتقدم أى مجتمع إلا إذا أدرك أن أهمية الديمقراطية الحقيقية والجامعة المتميزة والبحث العلمى الجاد لا تقل عن أهمية الكهرباء والمياه والمجارى. إن طابور الخبز مهم، وطابور المواصلات مهم، وطابور الخزينة مهم، لكن طابور الانتخابات هو الطابور الأهم، لأنه يمكن أن يجعلك تتجنّب كل الطوابير الأخرى باختيار حكومة تضعك كمواطن فى قمة أولوياتها. النهضة ممكنة حين يتولى الحكم قيادات تعرف أهمية هذه الخلطة وأن تتصرف على هذا الأساس.

المصدر : صحيفة الوطن

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والحاجة إلى برنامج وطنى لتربية الناس على الديمقراطية مصر والحاجة إلى برنامج وطنى لتربية الناس على الديمقراطية



GMT 13:38 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

سبحان ربى الأعلى

GMT 07:23 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 05:23 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 06:34 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 05:38 2017 الخميس ,16 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria