عنصريتنا الطافحة
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

عنصريتنا الطافحة

عنصريتنا الطافحة

 الجزائر اليوم -

عنصريتنا الطافحة

بقلم : عريب الرنتاوي

ليست العنصرية بالثقافة «الوافدة» على مجتمعاتنا، ولا هي بالنبت الشيطاني الذي طفا فجأة على سطح مشهدنا الثقافي والسلوكي ... إنها الابنة الشرعية، لسياق تاريخي – ثقافي شكلناه وشكلنا، توارثناه من الأسلاف ونورثه للأحفاد ...والمفارقة العجيبة التي تنم عن عمق «ازدواجيتنا» أننا معشر نكثر من هجاء عنصرية «الآخر» ولا نلتفت لاعوجاج أعناقنا... نقذف الآخرين بالحجارة صبح مساء، من دون أن نخشى على بيوتنا الزجاجية.

على مقربة من مخيم الوحدات، حيث نشأت، سكن في بلدة القويسمة على المقلب الآخر من «سكة الحديد»، قومٌ من ذوي البشرة السمراء الداكنة ... كانوا يأتون رجالا وأطفالاً ونساء إلى مخيمنا للتسوق والتبضع ... كنا نطلق عليهم جميعاً اسماً واحداً: «العبيد»، لم تكن بنا حاجة لمعرفة أسمائهم ولا التعرف عليهم .... ذات مرة صافح رجلٌ منهم طفلاً من المخيم، تردد الطفل في مصافحة الرجل، ومن ثم تفقد يده وقلّبها على الوجهين، خشية أن يكون لونها قد تغير.

لم ينهانا أحدٌ عن التلفظ بهذه المفردة الموغلة في عنصريتها، فنحن في الأصل، ورثناها عن الكبار منا ... لم نشعر للحظة بتأنيب ضمير، كوننا نمارس تمييزاً عنصرياً ضد شريك في الوطن وشبيه في الخلق ... الحال في مدارسنا لم يكن يختلف عن الحال في أسرنا وحاراتنا «مرابع طفولتنا» ... رافقتنا هذه النظرة السوداء إلى أن نضجنا وأعدنا «تربية» أنفسنا من جديد ... بعضنا لم يفلح في تخطي حاجز العنصرية الكريه هذا في كبره، برغم نزعاته الإنسانية والقومية واليسارية والأممية.

في الحارة كما في المدرسة والأسرة، لطالما تمردنا على محاولات «استخدامنا» خارج إطار المألوف من المهام الموكلة على عاتقنا في مراحل مختلفة من نمونا ... أما التعبير عن هذا التمرد، فكان يتم باستخدام عبارة «بدّك تستكردني؟!» ... لم نكن نفهم المعنى الحرفي للعبارة، بيد أن دلالتها المجازية، كانت واضحة تماماً في أذهاننا: «بدك تستعبدني؟!» ... إلى أن عرفت في مرحلة متقدمة، أن «استكرد» فعل مشتق من الاسم، أما الاسم هنا، فهو «الأكراد» أو «الكورد» كما يحلو لبعضهم أن يطلق عليهم، وفي مماثلة غريبة وعنصرية، بين أن تكون كردياً وأن تكون عبداً ... لا نتردد اليوم عن التلفظ بكثير من التبجح والادعاء بعبارات تتحدث «الإخوة العربية – الكردية»، ونستذكر صلاح الدين الأيوبي بأصوله الكردية، بعد أن تقدمنا في المناهج التعليمية، لكن كل ذلك، لم يحفر عميقاً في «طبقات اللا وعي» التي تراكمت بتعاقب الأزمان.

العنصرية اليوم، تقفز من الخطاب والسلوك «الشعبيين» إلى الخطاب الرسمي لبعض دولنا وحكوماتنا ... نقرأ في الأخبار عن قوانين في بلدان عربية، تبيح الطلاق، بل وتمنع الزواج، بذريعة «عدم التكافؤ الاجتماعي»، فالعريس أو العروس، ليس من قبيلة يُعتد بها، أو انه صاحب بشرة ذات لون مغاير .... نقرأ في صحافة تلك الدول، انتقادات لاذعة للطرق الالتفافية التي أنشأتها إسرائيل في الضفة الغربية، ومنعت استخدامها على أهل البلاد الأصليين ... هذا سلوك يوصف بالعنصرية، أما ذاك، فيحاط بهالة من التكبير والتهليل للمكارم التي تغدقها دولنا على الضيوف والوافدين إليها، الذين ما كان لواحدٍ منهم أن يصل البلاد ويقيم أو يعمل فيها، من دون «كفيل» من سكانها الأصليين.

ونقرأ في الأخبار، عن جزر القمر، وقلما نقرأ في الأخبار عن هذه البلاد وأهلها ونظام حكمها، لكأنها «زائدة دودية» في الجسم العربي الكبير، لا فرق سيحدث في حال بقائها أو استئصالها ... جزر القمر هذه عرضت مؤخراً استقبال فئة «البدون» المنتشرة في بعض دولنا العربية، وهم قوم عاشوا في هذه الدول لعشرات السنين، وتناسلت منهم أجيال متعاقبة، من دون أن يحظوا بشرف «المواطنة» فيها، أما لماذا تفعل جزر القمر ذلك، فنظير مساعدات مالية واقتصادية لبلد ذي اقتصاد منهك ومتهالك .... لقد اهتدت جزر القمر إلى وسيلة لمعالجة اختناقاتها المالية عبر «استيراد البدون»، أما الدول المصدرة لهم، فقد وجدت مخرجاً لتصريفهم خارج حدودها، إن بالإكراه والضغط أو بالإغراء والحوافز.

مع أننا قرأنا في وسائل إعلام تلك الدول، عبارات التمجيد وصيحات النصر، التي صاحبت انتخاب صادق خان عمدة لمدينة لندن، مع أن الرجل ينتمي للجيل الأول من المهاجرين، وليس إلى الجيل الرابع أو الخامس، وقبل «عمودية لندن» احتل الرجل مواقع برلمانية ووزارية في سن مبكرة ... أما لماذا لا نحذو حذو الديمقراطيات و»دول المواطنة المتساوية» فتلكم قصة تتصل بأنانيتنا وموروثنا القائم على «عصبية الأحساب والأنساب» ... وبمعنى أوسع، إلى مراوحتنا في برزخ ما قبل الدولة الحديثة، وعقدها الاجتماعي المتأسس على مفهوم المواطنة.

والمؤسف أنه كلما لاحت في أفق الغرب واقعة تمييز عربي أو مسلم، تضج مواقع التواصل الاجتماعي بالاتهامات والانتقادات للغرب العنصري الكافر، الكاره للإسلام والمسلمين، للعرب والعروبة .... من دون أن يرف لنا جفن، ونحن نشاهد ونقرأ ونسمع ونمارس، مختلف ضروب التمييز العنصري، لا ضد «الآخر» فحسب، بل وضد أبناء جلدتنا وديننا ووطنا.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عنصريتنا الطافحة عنصريتنا الطافحة



GMT 15:41 2021 الأحد ,11 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 23:27 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و»حرب السفن»

GMT 15:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيلي حيال الأردن

GMT 14:21 2021 الخميس ,01 إبريل / نيسان

فتح وليلة الحادي والثلاثين من آذار

GMT 22:23 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

"ألفا روميو جوليا" تفوز بلقب سيارة العام 2018

GMT 04:38 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

جيمي سونغ يحوِّل منزله غابة تحوي نباتات نادرة

GMT 00:35 2018 الإثنين ,30 إبريل / نيسان

نور درويش يكشف ثبات أسعار السيارات

GMT 15:16 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

صلاح يفوز بجائزة لاعب الشهر في ليفربول للمرة الرابعة

GMT 20:42 2014 الجمعة ,26 أيلول / سبتمبر

"أرميل" تطرح أحذية رجالية راقية لشتاء 2015

GMT 06:01 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

أبرزالتوقعات الفلكية عن كل برج في سنة 2018 تعرف عليها

GMT 00:02 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طرق متنوعة لارتداء اللون الأبيض مع الحجاب لإطلالة مثالية

GMT 09:55 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حريق هائل استدعى تدخّل جماعي لفرق الدفاع المدني في جازان

GMT 01:45 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

الجيش التركي يمهّد لشن عملية عسكرية في عفرين

GMT 06:12 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

سميرة الكيلاني تعطي نصائحها للحصول على بشرة نضرة
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria