من منزل في «بربور» إلى مكتب في «البربير»
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

من منزل في «بربور» إلى مكتب في «البربير»

من منزل في «بربور» إلى مكتب في «البربير»

 الجزائر اليوم -

من منزل في «بربور» إلى مكتب في «البربير»

بقلم :عريب الرنتاوي

في الزاوية المقابلة لجامعة بيروت العربية، تعرفت إلى «مقهى أم نبيل»، كان مقهى متواضعاً تديره سيدة أربيعية، أسمينا المكان على كنيتها، كانت تعد أفضل قهوة صباحية، وبنكهة منزلية كنا قد بدأنا نفتقدها ونحن إليها، رغم أنني شخصياً لم أكن قد قضيت بضعة أشهر في بيروت ... كان داود الزاوي، الذي سيشتهر لاحقاً، كشاعر وكاتب ومثقف فلسطيني باسم زكريا محمد، يتردد عليها باستمرار كذلك، وكنا نقضي أوقاتاً طويلة في نقاشات وسجالات لا تتوقف ولا تنحصر بموضوع.

ذات صباح، وبينما كنت جالساً على طاولة على رصيف المقهى، أقلب السفير والنهار (أحسب أنني تعلمت المواظبة على قراءة الصحف في ذلك المكان)، فإذا بشاب نحيف، داكن البشرة، شعره مسترسل، وشاربه يلامس أسفل شفته السفلى، يمر مسرعاً، حاملاً على كتفه «حقيبة يد» من النوع الدارج في تلك الأيام ... إنه يحيى النعيمات، لم أصدق عينيّ، فأنا بالأصل لم أكن أعرف أنه في لبنان، فقد غادرنا قبل عدة أشهر، ومن دون استئذان أو إشعار... ناديته وانعقد لسانه بدوره من شدة المفاجأة ... سألته عن أحواله، فأجابني أنه قضى ليلته في الاتحاد العام لطلبة الأردن، عند محجوب الروسان، وأنه يقضي جل وقته في قواعد المقاومة في جنوب لبنان ... كانت فترة صعبة في حياته، لم يكن قد تمكن بعد، من الاندماج في البيئة اللبنانية الصعبة، لم يحصل على عمل، ولم يحظ بفرصة للبوح عن ملكاته وقدراته كصحفي محترف وشاعر مرموق.

بخلاف يحيى، الذي سيُعرف لاحقاً باسم أمجد ناصر، كنت قد حظيت فور وصولي، وبسبب علاقات سابقة كنت نسجتها مع بعض الشخصيات النافذة في الفصائل الفلسطينية، بشقة مفروشة من غرفتين وصالة ومطبخ وحديقة صغيرة في منطقة «بربور»، مقابل مسجد جمال عبد الناصر على كورنيش المزرعة، كنّا نتندر على اسم المنطقة، كأن يقول أحدنا للآخر «زحلق إلى البيت»، وكنت أقيم فيها لوحدي، عرضت عليه مشاطرتي السكن، فاستجاب دون تفكير أو تردد ... وستصبح هذه الشقة، وصاحبتها السيدة البيروتية الفضولية «أم العبد»، ملاذاً لعدد كبير من المناضلين الذين سيغادرون الأردن تباعاً، ومن بينهم، اثنان من أبناء عمومة يحيى هما: سميّه يحيى النعيمات «جونيور» والمرحوم هاني النميري، فضلاً عن زهرة المعاني وابنتيها، نيفرتيتي ومنى.

ما أن استتبت لنا الإقامة في «منزل بربور»، حتى اندلعت معارك طاحنة بين وحدات الجيش السوري المنضوية في إطار قوات الردع العربية، أو بالأحرى، المحتوية على قوات الردع العربية، وستتاح لنا الفرصة لمعايشة فصلٍ دامٍ من فصول الحرب الأهلية اللبنانية لم يبق سلاح ثقيل أو متوسط أو خفيف لم يستخدم، وكانت «ثكنة الفياضية» حيث تتمركز قوة مهمة من الجيش اللبناني الموالي للجانب المسيحي في الانقسام الأهلي، عنواناً رئيساً للأخبار والتقارير الصحفية لعدة أيام متواصلة.

كان الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، قد زار إسرائيل، لتنقسم المنطقة من بعد تلك الزيارة إلى محاور متصارعة كعادتها، وتتشكل «جبهة الصمود والتصدي العربية» التي ضمت إلى جانب سوريا والعراق، كلا من ليبيا ومنظمة التحرير الفلسطينية، ولتحظى بتأييد من الجزائر واليمن الجنوبي آنذاك ... يومها، طويت صفحة الصراع الفلسطيني – السوري، التي فُتحت إثر التدخل العسكري السوري في لبنان، ضد المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، ودعماً للجبهة اللبنانية، أو ما كان يعرف باسم «الانعزالية المارونية»... بدأ المسيحيون في لبنان يتحسبون من انقلاب المشهد وتغيير المعادلات، وبدأوا يعبرون عن ضيقهم بالوجود العسكري السوري في مناطقهم، ومنذ ذلك التاريخ، وهم في صراع لإخراج السوريين من «المنطقة الشرقية» وجوارها، إلى أن تحقق لهم ما أرادوا، بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.

وستندلع أول حرب إسرائيلية – فلسطينية بعد أشهر معدودات من وصول المجموعة الأردنية إلى بيروت، وستأخذنا «الحمية» للالتحاق بفصائل المتطوعين لقتال إسرائيل، ولأنني ذي وضعية سياسية متقدمة، فلم يكن يليق بي أن أكون مجرد متطوع، فتوليت قيادة فصيل عسكري في زمن اجتياح آذار 1978، مع أنني لم أكن قد أطلقت رصاصة من مسدس.

ولكي لا تأخذني المفاجأة، لجأت إلى مكان قصي في استاد رياضي قيد الانشاء، وأخذت أطلق النار لكي تعتاد أذني على صوت الرصاص ... لكن قائداً عسكرياً فلسطينياً، اكتشف أمري، عندما أوقف حاجزا للكفاح المسلح، الفصيل الذي أقوده، وبعد أن عرف المهمة التي أتولاها، سألني مستنكراً، وكيف تخرج بفصيل سيرابط على البحر قبالة الزوارق الإسرائيلية، وليس من بين أفراده من يرمي على «الآر بي جيه»، وليس لديكم رشاش ثقيل أو متوسط ... خجلت من «ديمقراطيتي» و»انعدام خبرتي» وعدت أدراجي، طالباً تعزيز الفصيل برماة «آر بي جيه» و»دوشكا»، ولا أدري إن كان من حسن طالعي أم من سوئه، أننا لم نشتبك مع أي إسرائيلي في تلك الحرب.

وسوف نختبر في لبنان، قصة ارتقاء أول شهيد من معارفنا المقربين جداً في حرب الاجتياح ... إنه الشهيد جهاد حمو، العضو القيادي في جبهة التحرير الفلسطينية، الذي استشهد برصاص «حاجز إسرائيلي طيار» وهو في طريق العودة من الجنوب إلى بيروت، لم أعرف جهاد في مخيم الوحدات رغم أن منزل والديه لا يبعد سوى ثلاثمائة متر عن منزلنا، عرفت أخاه عارف حمو، ربما لأنه كان يكبرني سنّاً ... كان صديقاً مقرباً من زهرة المعاني، ولطالما زارنا في «منزل بربور»، ولقد عرفني عليه كذلك، عبد الهادي النشاش، الصديق القيادي في جبهة التحرير الفلسطينية آنذاك، الذي غادر الأردن إلى لبنان، قبل أشهر قلائل فقط من وصولي إليها في نهاية العام 1977. 

وسيكون لي موعد آخر في «مقهى أم نبيل»، فذات صبيحة في مطلع العام 1980، وبينما كنت أمارس هوايتي في احتساء قهوة السيدة النبيلة، متصفحاً السفير والنهار، فإذا بالمرحوم ميشيل النمري، شقيق الصديق جميل النمري، الذي كنت تعرفت إليه عن طريق أمجد ناصر، يمر قبالة المقهى وقد بدا في عجلة من أمره، طلب إلي أن ألحق به، وأن أنهي فوراً طقوس القهوة والصحف الصباحية، فلديه موعد مع السيدة سلوى البنا، وهي كاتبة وقاصة أردنية، كانت تمتلك وتدير مكتباً للخدمات الصحفية، أسمته «منار برس» في منطقة «البربير»، وسيعرض علي ميشيل أن أعمل معه في الصحافة، رفضت وقاومت، على اعتبار أنني لست صحفياً، ولم أفكر يوماً في العمل بالصحافة والإعلام ... لكن أمام إصراره، قررت أن التحق به متردداً ومذعوراً، فالرجل سيزج بي في أتون معمعة حامية الوطيس، وأنا مجرد تماماً من أسلحتها.

طوال الطريق من مقهى أم نبيل إلى مكتب المنار برس، والرجل يعمل على تهدئة روعي، ويسعى في تبسيط المهمة أمامي، ووعدني بأنني في غضون أشهر قلائل فقط، سأصبح صحفياً محترماً ... قدمني إلى السيدة سلوى، وعرفت من خلال أحاديثهما أنها على صلة قرابة لصيقة بصبري البنا «أبو نضال» (أبنة أخيه على ما أظن)، الشهير باغتيالاته المتكررة لقيادات وسفراء فلسطينيين، ومن سخريات القدر، أن «أبو نضال» سيكون لاحقاً، المتهم الرئيس باغتيال ميشيل النمري في أثينا بعد عدة سنوات من ذاك اللقاء.

لم يتعامل ميشيل معي كصحفي متدرب، ففي اجتماع التحرير الذي أصر علي أن أحضره، كلفني بإعداد تحليلات سياسية وإجراء مقابلات مع سياسيين لبنانيين وفلسطينيين... وكانت سعادتي بالغة برؤية ما أنتجه من مواد، منشوراً على صفحات «السياسة» الكويتية» والرأي الأردنية، وغيرها من صحف خليجية، كانت منار برس قد تعاقدت معها لتزويدها بالأخبار والتقارير والمقابلات من لبنان.

وستتاح لي في منار برس أن أعمل مع الكاتب الصحفي والمثقف اللبناني الصديق جورج ناصيف، وأن أتعرف على الصحفية اللبنانية، اليسارية سابقاً، فاطمة حوحو، قبل أن تنتقل إلى جريدة المستقبل الناطقة بلسان تيار الحريري ... وستتكون خبرتي الصحفية في الفترة القصيرة التي قضيتها في الوكالة، قبل أن ألج عتبات مرحلة جديدة في العمل الوطني واليساري الفلسطيني، وللحديث صلة.

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من منزل في «بربور» إلى مكتب في «البربير» من منزل في «بربور» إلى مكتب في «البربير»



GMT 14:57 2019 الجمعة ,02 آب / أغسطس

صدّام وايران... والعناد

GMT 14:44 2019 الجمعة ,02 آب / أغسطس

(المحقق الخاص أمام الكونغرس)

GMT 05:41 2019 الجمعة ,02 آب / أغسطس

إيران: جَلد الشاة ميتة أمر غير مجدٍ

GMT 05:38 2019 الجمعة ,02 آب / أغسطس

قطر والوقيعة بين الرياض وأبوظبي

GMT 12:03 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الراغب يطالب الجمعية العمومية بانتخاب "الخطيب"

GMT 04:39 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

وولف يسخر من إنكار طوني بلير حول اتصالات ترامب مع الروس

GMT 15:53 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

جراحون يعيدون وصل ذراعي امرأة قطعا في حادث قطار

GMT 02:14 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة أميرة فتحي تتعاقد على بطولة مسلسل "فاتحة خير"

GMT 01:28 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مكياج بألوان الطبيعة يوقظ البشرة الشاحبة

GMT 05:43 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

فيراري تطلق سيارة 812 سوبر فاست الجديدة كليًا

GMT 20:41 2017 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

فؤاد المهندس .. صاحب المدرسة الخاصة

GMT 00:32 2017 الخميس ,06 تموز / يوليو

عبد الرحيم الشمري يؤكد انتقال 97 % من النازحين

GMT 06:18 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

اختيارات مميّزة لغرف النوم تزيدها راحة وفخامة

GMT 02:09 2017 الخميس ,22 حزيران / يونيو

رئيس الصومال يصل إلى كمبالا عاصمة أوغندا

GMT 19:41 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

طبال يبيع زوجته لـ"ثري عربي" مقابل 2000 ريال

GMT 19:50 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

محكمة الأسرة تشطب دعوى طلاق علا غانم بعد تصالحها مع زوجها

GMT 20:57 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

HMD تطلق هاتف نوكيا 106 ببطارية تدوم 21 يوم في وضع الاستعداد

GMT 19:31 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب طائرة الأهلي جاهز لمواجهة 6 أكتوبر في الدوري

GMT 16:23 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

عرض مذهل من إمبيد يهدي سيفنتي سيكسرز الفوز بعد وقت إضافي
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria