افتتاح مؤتمر جغرافي عن الموارد والمخاطر الطبيعية والبيئية

افتتحت الجمعية الجغرافية بالتعاون مع كليتي الآداب والزراعة في الجامعة اللبنانية المؤتمر الجغرافي بعنوان "الموارد والمخاطر الطبيعية والبيئية في لبنان"، برعاية وزير التربية الوطنية والتعليم العالي الياس ابو صعب ممثلا برئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين، وفي حضور ممثل وزير البيئة محمد المشنوق رئيس مصلحة الموارد الطبيعية نديم مروة، عميدي كليتي الآداب والعلوم الانسانية والزراعة اسماء شملي وسمير مدور، ممثل نقيب المهندسين في بيروت راشد سركيس، رئيس هيئة ادارة الكوارث اللواء محمد خير ممثلا بالعقيد هادي قباني، مدير الفرعين الاول والخامس لكلية الآداب والعلوم الانسانية نبيل الخطيب وعلي حجازي وممثلين عن قيادة الجيش والشؤون الجغرافية ووزارتي الثقافة والاشغال العامة، والمجلس الوطني للبحوث العلمية ورئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية حميد الحكم واساتذة وطلاب في الادارة المركزية للجامعة في المتحف.
بداية النشيد الوطني فنشيد الجامعة ثم كلمة لعريف الاحتفال الياس الخوري قال فيها:" يواجه العالم اليوم تحديات كبيرة على غير صعيد فقد ادى التطور الصناعي والاقبال الشديد على استثمار الموارد وزيادة الانتاج في البلدان الصناعية المتقدمة، من اجل تأمين رفاهية شعوبها وعيشهم الكريم، ادى الى تفاقم مشكل التلوث بجميع اشكاله، والاخلال بتوازن البيئة الطبيعية وتدهورها، ما انعكس تفاقما في مشكل "الاحتباس الحراي" و"ترققا في طبقة الاوزون"، وتغيرا في المناخ وتشكيل خطر على التنوع البيولوجي وتهديدا بانقراض بعض اشكال الحياة، وتوسعا في ظاهرة الجفاف والتصحر وموت الغابات والمسلسل يطول. وهذا من شانه ان يشكل خطرا على الامن الغذائي والامن المائي، في غير بلد من العالم، ويقض مضاجع العلماء والمفكرين والباحثين في هذا المجال، بما يدفعهم الى ضرورة وضع حد لتمادي الانسان في تغليب الاقتصاد على البيئة، والعمل على ضمان حق الاجيال المقبلة بالاستفادة من هذه الموارد في المستقبل، عن طريق تحقيق "تنمية مستدامة" هذا فضلا عن الكوارث الطبيعية والجيوفيزيائية التي تسببها الزلازل والبراكين والانزلاقات الارضية والاعاصير والفيضانات وما ينتج عنها من خسائر فادحة في الارواح والممتلكات".
اضاف: "ونحن في لبنان "الاخضر" الذي يسير بخطى ثابتة نحو التخلي عن هذه الميزة، و"خزان مياه" الشرق الاوسط المهدد بنقص المياه وتلوثها لسوء الادارة، و"جبل الله المقدس" وبلد "اللبن والعسل" و"الجمال المتنوع البيولوجي" والمناخ الشافي الذي بدأت تدنسه كل انواع الملوثات من دون رادع، وبلد الثروة النفطية والغازية العاجز عن لم شمله، وحزم امره، للاستفادة من موارده في الوقت المناسب، والبلد الذي اخترقت الانكسارات والصدوع طبقاته الصخرية، واختزنت جوفه طاقة جيوحرارية لم يتم الكشف عنها بعد للاستفادة منها".
وتابع: "نتيجة لكل ذلك، وبما ان المعرفة والتوعية مفتاح الحلول، رأت الجمعية الجغرافية اللبنانية، بالتعاون مع كليتي الاداب والزراعة في الجامعة اللبنانية، ضرورة تنظيم هذا المؤتمر الجغرافي العلمي لالقاء مزيد من الضوء على هذه الموارد في لبنان والكشف عن المخاطر الطبيعية والبيئية التي تهدده، واقتراح الحلول المناسبة، ووضعها في تصرف اصحاب القرار، كي تتم الاستفادة منها ومعالجتها قبل فوات الاوان".
وأشار رئيس الجمعية الجغرافية اللبنانية الدكتور محسن الامين الى ان "المشاركة الرسمية في المؤتمر قد اكسبته اهمية خاصة وأغنت محاوره بالكثير من الابحاث العلمية والتي جمعت بين النظري والتطبيقي، خصوصا واننا بحاجة لتلك الدراسات الجامعية في لبنان، وذلك للحاجة الماسة اليها وللتعريف بمواردنا الطبيعية والمخاطر التي يمكن الوقاية منها قبل حدوثها"، مشددا على "التواصل الدائم بين الباحثين ومراكز الدراسات".
وقال: "ان هذا المؤتمر بمحاوره الستة والتي تتعلق بادارة المياه وتحديات المناخ ومخاطر التلوث، وكذلك الثروة النفطية والحدود البحرية، ثم ادارة المخاطر الطبيعية والجيوفيزيائية، والذي قام بها ما يقارب الثلاثون باحثا ومختصا وعلى مدى سنة كاملة، قد وضعت خارطة طريق لمجموعة تحديات واجابت على العديد منها. وهي ايضا ستصدر عبر مجلة "حنون" لعدد خاص لتكون متاحة لجميع المهتمين في هذا الحقل".
واكد "ان الجغرافيا علم يهتم بالارض والانسان وهي الوعاء الذي يحتضن بقية العلوم، لذلك كان لا بد لنا من التواصل والتكامل مع جميع الاختصاصات. ومن هذا المنطلق ستقيم الجمعية الجغرافية مؤتمرا ثانيا يتعلق بالموارد البشرية والتنمية بمختلف تفرعاتها، ولقد بدأنا منذ الان التحضير له".
والقى سركيس كلمة النقيب شهاب، لافتا الى اننا في نقابة المهندسين في بيروت واتحاد المهندسين اللبنانيين "نعطي قضية السلامة العامة الاولوية الاساسية، وهي قضية حياة وموت للانسان، ومرجعية محورية للاقتصاد الوطني في كل تشعباتها وآثارها المباشرة وغير المباشرة، وهي بكل صدق تتخطى بكثير مرسوم صدر او آخر سيصدر، انما هي خطة لتطوير هذه المفاهيم والعمل على تغطية كل مشتملات السلامة العامة الحقيقة في كل مضامير الحياة، علما انها في غالبيتها ترتبط بشكل او بآخر بالهندسة ومتعلقاتها".

وقال: "لاجل ذلك نقوم بالعمل على تحقيق:

1- اطار تقييمي للانظمة والقوانين المرعية، واطلاق ورش عمل لترتيب الاولويات في سبيل تنمية القدرات وتحسين الانتاجية المهنية العالية الجودة.

2- المشاركة الفعالة والفاعلة في لجان العمل المتخصصة في المؤسسة اللبنانية للمقاييس والمعايير - ليبنور- والتدخل في كل ما يجسد عنوانا للحماية من المخاطر الطبيعية والبيئة والعمرانية كما وعي مواردها؟
3- تحفيز التفاعلات العملية في مهنة الهندسة عبر التنسيق الكامل بدءا من المرتكز الاول في التربة (جيو تقنية) مرورا بالاجزاء الحاملة (الانشاء) وتكامل جمالي (العمارة) مع كل ما يرافقها من تدخلات اخرى، تترجم المواصفات المعتمدة في مباني تقاوم الزلازل ومجهزة بحماية كاملة من الحريق، تؤمن لشاغليها السلامة العامة في القياسات والشروط الفنية والمواصفات مع استكمال باقي العناصر المؤثرة في كل متعلقات السلامة العامة.
4- توسيع مفهوم السلامة العامة وشموليته لتغطية حركة الانسان في كل ما يشكل خطرا عليه.
5- تشجيع ودعم الجمعيات المتخصصة في المجالات المنوه عنها في سبيل نشر ثقافة معرفية تضاعف الانتاج لتبقى نقابة المهندسين رائدة في موقعها القيادي الطليعي وخلق حاضنة بل رافعة تساعد على تدعيم ركائز العمل السليم".
وختم: "ان كانت الطبيعة تغنينا بمواردها الفياضة، فالحياة اضحت تفرض علينا نمطا آخر للتعامل، ولتكييف الواقع النظري مع الحقيقة العملية، هناك مهمات جسام يجب القيام بها، ومن اهمها ما يلعبه المهندس من دور ريادي على مستويات متفاوتة قد تفوق التصور. ونحن نصرف المزيد من الوقت والجهد في سبيل هذه الغايات والاهداف، لنحققها ونظهر نموذجا من نتاج العمل المهني الرفيع للاقتداء به في الحلقة الاوسع، اي المجتمع".
ورأت العميدة شملي في كلمتها "انه يمكننا عبر قراءة عناوين الابحاث استقراء اهمية هذا المؤتمر الجغرافي الذي يراعي احد اهم المحاور في البحث العلمي المعاصر في مجالات العلوم الانسانية الا هو الوضع المركب لهذه العلوم"، مشيرة الى "ان البحث في مجال الجغرافية يختلف عن علم الكيمياء او علم التشريح كعلوم تبنى على تحليل يفترض بدوره التفكيك، اذ ان التجزئة هي في بادىء الامر على ان يتم في المرحلة الثانية ما يعرف بعملية التوليف حيث يتم التوصل الى تفسير لاحق".

وقالت: "أما بالنسبة للعلوم الانسانية ومنها الجغرافية فهي تتطلب بالاضافة الى النوعية الاولى من التحليل القائم على التجزئة آلية فهم تفترض عودة الباحث الى ذاته وهي آلية تتخطى ما يعرف بالتفسير. من هنا يفترض البحث العلمي في مجال الانسانيات التزام شخصي للباحث في آلية الفهم يتخطى مجرد التفسير".
واعتبرت "انه من غير الممكن فهم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل او الموارد النفطية وادارتها في لبنان الا من خلال القبول شئنا ام أبينا بدور الباحث وهو ما عنيناه، عندما أشرنا الى التزام الباحث الذاتي التي تفترض العودة الى الذات لكي يتم للباحث الاحاطة بمادة بحثه، وهذا ما يؤكد عليه باحثو اليوم عندما يتعلق الامر بالدراسات الانسانية، حيث يجد الباحث نفسه امام ارتباط وثيق بالعوامل البيولوجية، الاجتماعية النفسية والتاريخية".
ولفتت الى "ان هذا المؤتمر صورة عما يعرف بالجغرافية الحديثة التي ارتأت ان تأخذ بعدا انسانيا يعبر عن ارتباط وثيق بين الارض والانسان مع ما يحتمه هذا الارتباط من نظرة متشعبة ومتعددة الاختصاصات يفرضها العامل الانساني كحجر زاوية في هذا العالم"، مؤكدة "أهمية فتح المسارات عندما يتعلق الامر بالعلوم الانسانية كما على دور الآداب والعلوم الانسانية كعلوم تكمن اهميتها في هذه العودة الى الذات ولكي تتحقق آلية "الفهم".


وختاما، كلمة راعي الاحتفال ألقاها ممثل رئيس الجامعة عدنان السيد حسين الذي لفت الى "ان هذا المؤتمر يكتسب اهمية علمية مضاعفة لانه يتناول محاور عدة (ادارة المياه، التلوث، الثروة النفطية، المياه الجوفية، الموارد الطبيعية، المخاطر الطبيعية)، وقال: "هذا يعيدنا في البحث الى اهمية البيئة الطبيعية ودور وزارة البيئة في حمايتها. فقبل 20 سنة او اكثر لم يكن هناك حديث في الدول النامية عن وزارة البيئة بل كان الحديث عليها مجرد فكرة او نوع من الخيال او استباق امر غير ضروري. وقد ثبت بالملموس ان هذه الوزارة تكتسب اهمية مضاعفة لانها ترتبط بوزارات في آن معا (الاقتصاد، الصحة، الطاقة..) وعليه فإن هذا المؤتمر معني بدارسة عدة محاور عبر باحثين مخضرمين والنتائج تصل الى المسؤولين في الدولة. وهذا شأن الجامعات التي تربط بين البحث العلمي والواقع الاجتماعي والاقتصادي وكيف اذا كان الامر يتعلق بمستقبل البيئة الطبيعية في لبنان"؟...

...وتابع: "عندما نتحدث عن الحدود البحرية، نتحدث عن طاقة لبنان الغازية والنفطية جنوبا، فلبنان في حالة حرب ولكن الامم المتحدة يمكن ان تكون الطرف المسؤول اذا ارادت وباستطاعتها ان تفصل في النزاع، ومن حق لبنان ان يطالب بترسيم للحدود المائية البحرية وفق ارادته انطلاقا من الحدود المعترف بها".

واعتبر ان "الدولة التي تتخلى عن جزء من اراضيها او عن اي جزء من مياهها الاقليمية هي دولة منقوصة السيادة"، مشيرا الى ان "محور الحدود الدولية سيكون مجالا مهما للبحث في هذا المؤتمر والوصول الى دراسات معمقة لطبعها في مجلة "حنون" الجغرافية"، لافتا الى "ان كليتي الاداب والزراعة معنيتان بمتابعة هذا المؤتمر واستخلاص نتائجه على مدى يومين"، داعيا الى "التحضير لمؤتمر عن جغرافية المواد البشرية نظرا الى علاقة الارض بالانسان التي أوجدها الله وعلينا المحافظة عليها".