المرأة العراقية


عانت المرأة العراقية أكبر شريحة في المجتمع العراقي من التهميش والظلم، خلال الحقب التي مضت، واستبشرت خيراً بأن العهد الجديد بعد نيسان/ أبريل 2003 سيصون كرامتها، ويمنحها المكانة اللائقة بها، إلا أن الرياح لم تجر كما تشتهي، فيما كان دخول المرأة لحقل العمل ليس استجابة إجرائية للاتفاقات الدولية أو مكسبًا نضاليًّا للحركات النسائية، بقدر ما كان حصيلة لتحولات جذرية في العلاقات الأسرية والاجتماعية، وكان رد فعل الزوجات متبايناً فمنهن من تفضل البيت والأبناء، ومنهن من تمسكت بطموحها وأحلامها ولا تخشى الانفصال عن الزوج.

ويجعل تعنّت الأزواج الزوجات في حيرة من امرهن فهن أمام خيارين أحلاهما مُرٌ، فإن تركن العمل فلن يشعرن بالرضا ولو ضحين بالأبناء فلن يشعرن بالسعادة، المرأة العراقية حالها حال بقية بنات حواء، وفي هذا التحقيق طرحنا عددا من الأسئلة في عمل المرأة وهل يعد رفاهية ام ان طموحها يقتله الزواج؟ وهل بقاء المرأة في البيت يعد عملاً أم أنه نوع من المسؤولية الواجبة؟ فكانت اجابة الرجال والنساء.

وأعلن عماد الخفاجي " أكاديمي" ترسخ في عقول الناس أن المرأة العاملة هي التي تغادر بيتها ساعات النهار الطويلة لتتقاضى أجرا ، أما المتفرغة لأعباء الأسرة بدءا بالأمومة وأشواطها من الحمل إلى الإنجاب ثم الرضاعة فالسهر على الرضيع، يضاف إلى ذلك المطبخ بوجباته المعقدة في ظل ثقافة شعبية موروثة تؤكد أن أقرب طريق لقلب الزوج معدته.

وأوضح الخفاجي "أصبح الزوج اليوم بعد ان كان يعتمد على خدمة المرأة له بمسح الهموم عن قلبه صار يعتمد على جيبها من دون أن يساعدها فصارت المرأة العاملة تحارب على جبهات عدة، وعليها ألا تشكو أو تتذمر والا فهي لا تنال شرف الزواج، فقد بات خروج المرأة للعمل مرفوضا من قبل شريك حياتها".

واعلن رعد سعدون "موظف" من اكثر الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق، عمل المرأة وانخراطها في المؤسسات التي تجمع الرجال والنساء معاً، وسابقاً كانت المرأة تعمل في الجمعيات والمدارس فقط، أما الآن فقد أصبحت الزوجات يقارن أنفسهن بأزواجهن ويرددن أن حياتهن الزوجية لم تعد مهمة كما هي حياتهن العملية، فكثير من حالات الطلاق وقعت بسبب تفضيل الزوجة عملها على زوجها وتربية أبنائها.

وأشار سعدون إلى أن هناك زوجة تخرج من البيت من دون زينة، وتتزين في السيارة من أجل الظهور بمظهر معين في العمل، ومثل هذه الزوجة لو رآها زوجها فمن المؤكد أنه سيشعر بالريبة وستقع المشكلة بينهما، موضحاً أن هناك سبباً آخر غير الشك والغيرة يدفع الزوج إلى تخيير زوجته بين البيت والعمل وهو راتب الزوجة الذي يكون أحياناً أكبر من راتب الزوج، مما يدفعه إلى مطالبتها بالمشاركة في مصروف البيت، وإذا رفضت الزوجة تحدث مشكلات وربما يقع الطلاق.

وأكّد ابو عبيدة "تاجر" المرأة مكانها الطبيعي بيتها، إذ هي المستأمنة عليه بحسب الفطرة التي جبلت عليها، لكنها لم تكن يوما ما رهينة بيتها، حبيسة جدرانه الأربعة، بل كانت مشاركة في الحياة العامة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقاتلة وممرضة ومعلمة وداعية، مزارعة وتاجرة وراعية، بل سياسية، والتعليم أولى الخطوات على درب التحرر، يليها تعميق الخطوات، ثم المطالبة بالحقوق من غير تعسف او ظلم للاخرين الذين يقع عليها عبء تربيتهم والمحافظة على حياتهم.

وأعلنت الدكتورة دينا احمد "طبيبة اسنان" يجب ان تكون الزوجة إمرأة عاملة، فهذا أفضل للبيت والأولاد، مشيرة إلى أن الزواج نفسه يعد طموحاً، والزوجة الطموحة ستساعد من خلال عملها بدعم البيت والأسرة مادياً، كما أنها ستنمي أفق أبنائها ومداركهم ومعرفتهم بالحياة

وأوضحت احمد "من المفروض أن الطموح يكبر مع الزواج ولا ينتهي، وتضحية المرأة أحياناً بعملها من أجل بيتها وأبنائها أمر محمود، لكنه يجب أن يستند إلى منطق، مثل أن يكون الزوج دبلوماسياً وعمله يتطلب الترحال والسفر الدائم من دولة إلى أخرى، وأنصح أي فتاة مقبلة على الزواج بأن تتفق على كل شيء قبل الزواج حتى لا تفاجأ بشخصية أخرى للزوج بعد الزواج

وأكدت أنه يجب على المرأة أن تفكر بعقل وحكمة وأن تعي تماماً أنها زوجة وأم في البداية، وعليها أن تستثمر مواهبها وقدراتها في البيت وتربية الأولاد.

بالمقابل طالبة الأمم المتحدة إلى إتاحة مجال أوسع لمشاركة المرأة العراقية في عملية صنع القرار السياسي والمشاركة في الانتخابات، وضرورة تشجيعها على ذلك من قبل الصحافة، كما دعت إلى تأسيس مجلس للنساء العاملات في مجال الصحافة، في حين لفتت إلى أن نسبة النساء في قوات الشرطة لا تتعدى الواحد بالمئة على الرغم من الجهود الحكومية  لتعزيز هذه النسبة، معربة عن أملها أن تتمكن وزارة التربية من القضاء على نسبة 50% من الامية بحلول العام 2015.

وأكّدت الناشطة العراقية، هناء ادور، في تصريح لـ" العرب اليوم " إن "التحديات والعقبات كثيرة لعزل المرأة من المشاركة الفعلية في صناعة القرار، وأهمها العقلية الذكورية السائدة في المجتمع، واعتبار المرأة معمل انجاب ورعاية الاسرة".

مؤكدة "مع الأسف فأن المسؤولين لغاية اليوم حينما يبتدئون كلماتهم بحق المرأة، يشيرون لها متباكين انها الام والزوجة والابنة والاخت، وليس من مسؤوليتهم تجاه مواطنتها ودورها وشراكتها الحقيقية في بناء المجتمع، وصار عليهم اليوم مغادرة هذا المنطق بشكل نهائي".

وأوضحت ادور، أن "وجود المرأة في مجلس النواب ومجالس المحافظات لا يعني أنها نالت حقها من العدل والمساواة"، مشيرة الى ان" ما نقصده أن تكون موجودة ومؤثرة بالفعل في صنع القرار السياسي والاقتصادي في وقت واحد"

فيما اجابت رئيسة جمعية لها النسوية نادية العامرية لـ"العرب اليوم " قائلة  "ضرورة الاقتناع بدور المرأة وقدرتها على القيادة من خلال دعمها معنوياً ومادياً ، لافتة الى تفعيل دورها في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وكذلك في الشارع العراقي ليكون صداها واضحاً امام الرأي العام.

وأكد رئيس المؤسسة الوطنية للتنمية علي المهنا ان المرأة كي تكون فاعلة في التصدي في ساحة صنع القرار لا بد ان تبادر بنفسها، وأشار: "المرأة العاملة جعلت من المرأة رقماً وواجهة فقط، وهنا يبرز دور منظمات المجتمع المدني في تثقيف المرأة في المطالبة بحقها، وكيف تكون ممثلاً وواجهة للنساء العراقيات في المحافل السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها.

وأخيرًا أوضحت اسيل صبيح "معلمة": الطموح يختلف من امرأة لأخرى، ولو استطاعت الزوجة أي زوجة أن توفق بين بيتها وعملها فهذا أمر رائع، والمرأة لم تعد نصف المجتمع فقط، بل أصبحت المجتمع كله، ومن الصعب بعد كل ما وصلت إليه أن تبقى طاقة معطلة، لأن لديها قدرات وإبداعاً وثقافة يجب استغلالها في تنمية المجتمع.

وأعلنت: "لا إفراط ولا تفريط، أي الحرص على التوازن بين البيت وتربية الأبناء والعمل، فمطالبة بعض الرجال زوجاتهم بالعودة إلى البيت وترك العمل تعد نظرة قديمة لا تخدم المجتمع، وتقتل الإبداع لدى المرأة".