الإرهاب في الجزائر

تمكن جزائريون من عائلة واحدة، طلقوا التطرف المسلح حديثا، من إقناع رب العائلة بالتخلي عن سلاحه بعد 20 سنة من النشاط في صفوف جماعة مسلحة بشرق البلاد.

وتعرض السلطات الأخبار المرتبطة بـ"توبة الإرهابيين"، على أنها "نماذج ناجحة لسياسة المصالحة" الجاري العمل بها منذ 12 سنة، وهي محل رفض شديد من طرف الأصوليين على أساس أنها "كرست منطق الغالب" في الحرب الأهلية التي عاشتها الجزائر.

وأفادت وزارة الدفاع بموقعها الإلكتروني أمس، بأن "الجهود الحثيثة التي تبذلها مختلف وحدات قواتنا المسلحة، في إطار مكافحة الإرهاب، أثمرت تخلي الإرهابي ف. صالح المدعو أبو أسامة، عن سلاحه. وتم ذلك بناء على مناشدة أفراد أسرته العشرة الذين سلموا أنفسهم للسلطات العسكرية بجيجل (شرق) في 26 من الشهر الماضي".

وأضافت وزارة الدفاع، أن "أبو أسامة" التحق بالمتطرفين عام 2008، وكان بحوزته وهو يسلم نفسه سلاح رشاش و3 مخازن مملوءة بالذخيرة. وأفادت وزارة الدفاع بأن ما جرى "يؤكد مرة أخرى على إصرار وعزم وحدات الجيش الوطني الشعبي، على تطهير بلادنا من بقايا الجماعات الإرهابية.

كما يؤكد نجاعة المقاربة المتبناة من طرف القيادة العليا للجيش، في اجتثاث هذه الظاهرة من بلادنا". في إشارة إلى نداءات متكررة لما بقي من متشددين، لتسليم أنفسهم بدل شن عمليات عسكرية ضدهم، وعدت هذه السياسة، وفقًا لمتتبعين، أحد أوجه "المصالحة" التي أيدها الجزائريون في استفتاء نظم عام 2005، يتمثل في إبطال الأحكام بالسجن التي صدرت ضد مئات المتطرفين، شريطة أن يسلموا أنفسهم وأسلحتهم. وعائلة صالح التي طلقت معاقل الإرهاب منذ أقل من شهر، تتكون من زوجته وابنه وخمس نساء، وطفلين ورضيعين. ونشر الجيش حينها ثلاث صور، أخذت بموقع عسكري، تظهر فيها النساء والأطفال وجوههم مغطاة.

وأعلن "الجيش الإسلامي للإنقاذ"، عام 2000 حل ذاته، ونتج عن ذلك تخلي 6 آلاف من أفراده عن السلاح، استفادوا كلهم من تدابير "الوئام المدني"، وهي سياسة شبيهة بـ"المصالحة" التي جاءت لاحقا، وهي بمثابة "هدية" للجماعات الإرهابية التي بقيت نشطة، وأشهرها "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، التي تحولت عام 2007 إلى "القاعدة ببلاد المغرب".

ولا يعرف على وجه التحديد عدد الإرهابيين الذين انخرطوا في "المصالحة"، وسلموا أنفسهم، غير أن السلطات تعتبرها "الحل الذي قضى نهائيا على الإرهاب". ومما تتضمنه هذه السياسة، حرمان المسلحين سابقا من العمل السياسي كالنشاط في أحزاب أو الترشح للانتخابات.

وتزامنت التطورات على صعيد "توبة الإرهابيين"، مع انتهاء تمارين عسكرية بورقلة حيث أكبر حقول النفط بالصحراء، أشرف عليها رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع الفريق أحمد قايد صالح، الذي ختم زيارته لورقلة بكلمة ألقاها على الضباط والجنود المشاركين في التمارين، ورد فيها "إننا نعلم يقينا أن الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، ما كان له أن يبلغ ما بلغه اليوم من مستوى تطويري بالغ الحداثة والنوعية، لولا كفاءة كوادره الذين يتسمون بمواصفات المسؤولية والأمانة والصدق والمصداقية، فذلك هو عهدي بهم وذلك هو أملي الدائم في صدق نيتهم، وصفاء سريرتهم ونقاء مقاصدهم، فبهم ومعهم سيواصل جيشنا، بحول الله تعالى وقوته، المضي قدما، نحو تحقيق المزيد من الإنجازات في أكثر من مجال في سبيل الرقي بقدراته، إلى منتهى طموحاتنا المشروعة".

وقال صالح أيضا "إنه حرص دوما على التذكـير وعلى التأكيـد بأن المسؤولية تكليف وليست تشريفا، ومعنى ذلك أن من يتحمل المسؤولية مهما كان حجمها ومهما كان مستواها ومهما كان موقعها، هي أمانة في أعناق أصحابها يحاسبون عليها أمام الله أولا وأخيرا، ثم أمام التاريخ".